المصلحة الوطنية
لنهر الليطاني
المصلحة الوطنية لنهر الليطاني

"واقع الموارد المائية في منطقة حوض #نهر_الليطاني"

٣١ تشرين الأول ٢٠٢٢

لا تزال مشكلة التلوث الحاصلة في الحوض الأعلى لنهر الليطاني تتفاقم نتيجة تدفق كميات هائلة من مياه الصرف الصحي الغير معالج مباشرة إلى مجرى النهر وبحيرة القرعون.

وفي هذا السياق كشف مدير عام ورئيس مجلس الإدارة في المصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي علوية، أنّه في ظل غياب حسن الإدارة ورسم مخطط توجيهي واضح لقطاع الصرف الصحي يتم اعتماد الحلول المركزية لمنظومات معالجة الصرف الصحي المترافقة مع عيوب في الدراسات والتصاميم وسوء التنفيذ وعدم استدامة تشغيلها بفعل الحاجة الى مصادر هائلة من الطاقة وعدم توفر القدرات الفنية والمالية لتشغيلها بالإضافة الى استمرار ربط شبكات مياه الأمطار وتحويل الصرف الصناعي الى تلك الشبكات المؤدية لمحطات التكرير. مما أدى عن كل ذلك من فشل في معالجة تلك المياه وعدم ثبوت صلاحية المياه المعالجة للاختلاط بالوسط المائي وبالتالي عدم صلاحيتها للري، وغياب الرقابة الدورية على نوعية المياه الخارجة منها.

مضيفا لا تزال مخيمات النازحين العشوائية المنتشرة على طول نهر الليطاني تشكل مصدرا لا يستهان به للتلوث، حيث تقوم معظم مخيمات النازحين السوريين المقيمين ضمن المخيمات والتجمعات على ضفاف نهر الليطاني بتحويل النفايات السائلة والصلبة الناتجة عنها مباشرة إلى مجرى نهر الليطاني وروافده كما إلى أقنية مشاريع الري التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني.

الأمر الذي يهدد الصحة العامة ويؤدي إلى إنتشار الأوبئة في منطقة حوض نهر الليطاني بناءً على آخر الإحصاءات المتعلقة بتلوث الموارد المائية في الحوض الأعلى لنهر الليطاني مما يمكن ان تكون ناقلة او حاملة لوباء “الكوليرا” الانتقالي بواسطة الصرف الصحي.

ومن خلال أحدث الوقائع والإحصاءات بالنسبة للمساحات المروية بالصرف الصحي يتابع الدكتور علوية إن المساحات التقديرية للأراضي الزراعية الواقعة ضمن مسافة 2 كلم من جانبي النهر تبلغ حوالي 8396 هكتار وذلك بالاعتماد على خرائط استخدامات الأراضي ( LAND USE ) حيث أن هذه الأراضي كلها قابلة للري من النهر بشكل مباشر عبر مضخات زراعية. وبحسب المعنيين والخبراء في المنطقة فان أكثر من 1000 هكتار من هذه الأراضي يروي حاليا من النهر والروافد مباشرة أي من مياه ملوثة بالصرف الصحي بنسب متفاوتة.

وكانت الدولة اللبنانية قد أتلفت حوالي 20 هكتار منها في الصيف الماضي. فضلاً عن إتخاذ المصلحة الوطنية لنهر الليطاني قراراً بوقف العمل بمشروع قناة ري 900 والذي يروي من مياه بحيرة القرعون حوالي 2000 هكتار من الأراضي الزراعية.

وعن عدد السكان الذين يستفيدون من مياه شفة ملوثة، أضاف، تؤكد نتائج الفحوصات المخبرية التي أجرتها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في مختبر كلية الصحة التابع للجامعة اللبنانية عدم سلامة مياه الشفة وعدم صلاحيتها للاستعمال المنزلي في عدد من المناطق الواقعة في الحوض الاعلى والتي تتغذى من نبع شمسين. مما يتطابق مع العديد من الفحوصات المخبرية التي قامت بها سابقا مصلحة الابحاث العلمية الزراعية وكلية الصحة الفرع الرابع، والسفارة الفرنسية في بيروت، إضافة الى عدد من المختبرات الخاصة. وتختلف مصادر التلوث بسبب اهتراء الشبكة حينا أو تلوث النبع أو البئر أو عدم كفاءة المعالجة أحيان أخرى كما وتحويل مياه الصرف الصحي الغير معالج إلى أراضٍ مكشوفة تصل إلى مجرى النهر والمياه الجوفية.

وتابع، تشير المعطيات الى أن عدد المشتركين في المحطات شمسين يبلغ 7000 مشترك تقريبا ويقدر عدد المستفيدين من هذه الشبكة حوالي 50000 نسمة. مع الإشارة أن المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في صدد استكمال الفحوصات المخبرية لمياه الشفة لتغطية كافة التجمعات السكنية الكبيرة الواقعة في الحوض الاعلى.

والعدد التقريبي للنازحين المقيمين على ضفاف النهر في منطقة الحوض الأعلى لنهر الليطاني بحسب المصلحة الوطنية لنهر الليطاني ما يقارب 974 موقعا يضم حوالي 11466 خيمة وقد بلغ العدد التقديري للنازحين المتواجدين في هذه المواقع حوالي 68645 نازحا سوريا. في حين تبلغ أرقام اللبنانيين المقيمين ضمن القرى القريبة جدا من النهر وبحسب الإحصاءات المركزية حوالي 100 ألف نسمة موزعين على قرى في أقضية زحلة والبقاع الغربي وبعلبك.

كاشفاً أنه بعد المسح الميداني التي قامت به المصلحة الوطنية لنهر الليطاني على المستشفيات في الحوض الأعلى والتي بلغ عددها ١٨ مؤسسة صحية حكومية وخاصة تصرف النفايات الصحية السائلة في النهر وشبكات الصرف الصحي ما يوازي مليون متر مكعب سنويا.

وكمية الصرف الصحي غير المعالج بالاستناد الى المعطيات والأرقام والإحصاءات المتداولة عن عدد السكان في الحوض الأعلى لنهر الليطاني تبين أن معدل التصريف اليومي لمياه الصرف الصحي يبلغ 128154 م3/يوم أي ما يعادل حوالي 46 مليون متر مكعب سنويا تصب بمعظمها في النهر مباشرة أو تتسرب الى المياه الجوفية وذلك في ظل غياب أو تعطل محطات التكرير، وهي تشمل ضمناً الصرف الصحي الصادر عن النازحين في قرى الحوض الأعلى البالغ حوالي 2 مليون متر مكعب ( اعتمادا أن معدل استهلاك النازح يقدر ب 84 ليتر يوميا ).

وإن النفايات الناتجة عن اللاجئين تعادل 15.7 % من النفايات الصلبة الناتجة عن اللبنانيين قبل حلول الازمة. ويتم التخلص من 52% من النفايات الصلبة في مكبات عشوائية وتحرق في أراضٍ قائمة على ضفاف الانهر مما يؤدي إلى زيادة تلوث الأرض والتربة بالإضافة إلى تلوث المياه السطحية والجوفية. وقدرت كميات النفايات الناتجة في منطقة الحوض الاعلى لنهر الليطاني: 173 طن/يوم -حوالي 63000 طن/سنويا- (69000 نازح ضمن ناطق مجرى النهر حتى تاريخ 2021).

وحول سؤاله عن إجراءات المصلحة الوطنية لنهر الليطاني لمنع والحد من مشكلة التلوث الحاصلة أجاب د.علوية، منذ ربيع العام 2018 باشرت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بتنفيذ مهمة الحوكمة ومكافحة تلوث حوض نهر الليطاني من خلال رصد التعديات وتفعيل الإجراءات القانونية والقضائية والادارية المتخذة بحق مرتكبي الجرائم المائية والبيئية كما ومراسلة الجهات المعنية بهدف التنسيق وحماية الموارد المائية.

وأبرز الإجراءات المتخذة في قطاع الصرف الصحي وملف النازحين بهدف حماية البيئة والصحة العامة :

توجيه كتاب من قبل المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بتاريخ 16-8-2018 الى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين توضح فيه خطر توزيع النازحين السوريين على ضفاف نبع الغزيل أحد روافد نهر الليطاني على نحو يلوث النهر ويهدد صحة النازحين واللبنانيين.

توجيه كتاب بتاريخ 9-10-2018 الى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تمنت فيه المصلحة لو تمت مراعاة الظروف البيئية التي يعيش بها النازحون من جهة، والتي تسببها تجمعاتهم من جهة اخرى، وتحملها مسؤولية تفاقم الأزمة البيئية في الحوض الاعلى نتيجة تصريف النفايات السائلة والصلبة لتجمعات النزوح، وكذلك التدهور البيئي في الحوض الادنى نتيجة تحويل الصرف الصحي لبعض المباني التي يقطنها النازحون لا سيما في بلدة البيسارية.

وتوجهت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بتاريخ 15 كانون الثاني 2019 بكتب الى كل من وزارة الطاقة، محافظ البقاع والهيئة العليا للإغاثة تطلب فيهم منع المفوضية السامية من اعادة مخيمات النازحين الى ضفاف النهر في المواقع التي تعرضت للفيضان خلال موسم الشتاء الحالي وذلك حرصا على حياة النازحين ولحماية نهر الليطاني.

وتقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بتاريخ 19/3/2019 بإخبار إلى النيابة العامة المالية بوجه الجهات التي ترعى مخيمات النازحين والتي تبين أن عدد منها يقيم في مخيمات فوق الأملاك النهرية وفي الأملاك العامة بالإضافة إلى قيام متعهدين مكلفين من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتصريف صهاريج مياه الصرف الصحي في مجرى النهر بدل من تفريغها في محطات التكرير. وكذلك تبين أنها تقوم بإنشاء حمامات متنقلة أي حوالي 20 ألف حمام تصب في نهر الليطاني مباشرة.

وتابع، منذ ربيع 2018، قامت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بسلسلة مراجعات ومراسلات وجهتها بموجب مهام الحوكمة وتنسيق الجهود المخولة لها حول تطبيق القانون رقم 63 تاريخ 27/10/2016 وحول تطبيق القانون 64 الصادر في 3 تشرين الثاني عام 2016 المتعلق بالموافقة على اتفاقية قرض لمشروع ” الحد من تلوث بحيرة القرعون”.

وبتاريخ 5/11/2020 وجهت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني كتاب إلى مجلس الإنماء والإعمار يتضمن طلب تحويل الميزانية الخاصة بالمصلحة الوطنية لنهر الليطاني ( بلغت حوالي 700 ألف دولار أميركي ) ضمن مشروع “الحد من تلوث بحيرة القرعون” المنصوص عليه في اتفاقية القرض بقيمة 55 مليون دولار أميركي بين الجمهورية اللبنانية ممثلة بمجلس الانماء والاعمار والبنك الدولي للإنشاء والتعمير – القانون رقم 64/2016 لتنفيذ أعمال اخرى خصوصا فيما يتعلق بإنشاء المزيد من شبكات الصرف الصحي وربط الشبكات التي تصب في نهر الليطاني بمحطات التكرير العاملة في زحلة وجب جنين وصغبين، والا لتشغيل محطات التكرير.

كما تقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بإخبار عاجل الى النيابة العامة المالية ضد 17 جمعية لبنانية ودولية تعنى بشؤون النازحين السوريين واتهمت هذه الجمعيات بتلويث نهر الليطاني وروافده ومشاريع الري التابعة له.

إضافة إلى شكوى بوجه جمعية “سوا للتنمية” بتاريخ 3/8/2022 بسبب التخلف عن تفريغ خزانات مياه الصرف الصحي التابع للمخيمات وتحويل الصرف الصحي الغير معالج إلى مجرى النهر مباشرة.

وبتاريخ 3/8/2022، تقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بشكوى جزائية أمام النيابة العامة المالية، الى وزارة الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي والى مفوضية شؤون اللاجئين تطلب بموجبه التعميم على البلديات الواقعة ضمن حوض نهر الليطاني المجاورة لبحيرة القرعون بالتشدد بمنع تدفق مياه الصرف الصحي الغير المعالج والناتج عن مخيمات النازحين السوريين حفاظاً على مياه النهر والبحيرة التي تغذي مشاريع ري المزروعات في البقاع والجنوب. كما وزيادة الرقابة على الجمعيات الغير حكومية والتي تستفيد من تمويل و مشاريع المفوضية تحت شعار مساعدة النازحين والحفاظ على البيئة والصحة العامة.

وتحت عنوان قرارات بناء لإجراءات المصلحة أفاد د.علوية، أصدر القاضي المنفرد الجزائي في زحلة الرئيس محمد شرف بتاريخ 9/7/2019 قراراً قضى بموجبه بإلزام مؤسسة الرؤية العالمية بإنشاء محطة تكرير مخصصة لتنقية مياه الصرف الصحي في كل مخيم وذلك خلال مهلة شهر من تاريخ تبليغ القرار تحت طائلة غرامة بقيمة 10 ملايين ليرة عن كل يوم تأخير. الا ان وزارة الطاقة رفضت تنفيذ القرار وعرقلة تنفيذه وعارضت إلزام جمعيات النازحين بتركيب وحدات معالجة مؤقتة للصرف الصحي لمخيمات النازحين بحجة هدر المال العام والازدواجية مع مشروع المخطط التوجيهي المعتمد لمعالجة مشكلة الصرف الصحي (محطة المعالجة في المرج) والذي لا يزال لم يبصر النور. ومن ثم قامت محكمة الاستئناف الجزائية بفسخ هذا القرار.

وختم مدير عام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني د.سامي علوية ، عدم الموافقة على إقامة أية تجمعات للنازحين على ضفاف نهر الليطاني إلا إذا كانت خارج إستملاك المصلحة و تراعي الشروط الصحية والبيئية لجهة معالجة النفايات السائلة والصلبة، وتراعي حسن إستخدام الموارد المائية.

وعدم صلاحية بيئة نهر الليطاني بوضعيته الحالية للسكن بجواره وعلى ضفافه وإن أية تجمعات سكنية بالقرب أو على ضفاف النهر الملوث بالصرف الصحي والصناعي يشكل خطر داهم على الصحة العامة ومصدر لتفشي الأمراض والأوبئة بين النازحين واللبنانيين.

ووجوب معالجة المفوضية لهذه الأوضاع الشاذة بأسرع وقت ممكن وتكثيف برامج رعاية النازحين على ضوء مقتضيات حماية نهر الليطاني والموارد المائية.

المصدر: بوابة بيروت